تهديدات ترمب التجارية- هل تعلم المستثمرون الدرس؟

في الآونة الأخيرة، وعلى الرغم من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب المتكرر عن فرض رسوم جمركية والذي أحدث في الماضي اضطرابات عنيفة في الأسواق المالية، يبدو أن المستثمرين قد أصبحوا أكثر حصانة ضد هذه التهديدات، حتى مع اقتراب الموعد النهائي في الأول من أغسطس.
خلال الأسابيع القليلة الماضية، استقبل المستثمرون سلسلة متواصلة من التهديدات بفرض رسوم جمركية جديدة، حيث كثفت إدارة ترمب ضغوطها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة قبل انقضاء المهلة المحددة للتوصل إلى اتفاق. ومع ذلك، لم يكن لهذه الإعلانات سوى تأثير ضئيل على أداء الأسواق، بحسب ما ذكرته "ماركت ووتش".
فبعد ظهر يوم الجمعة، نشرت صحيفة فاينانشال تايمز تقريراً يفيد بأن البيت الأبيض يدرس فرض تعريفات جمركية تتراوح بين 15٪ و 20٪ على الاتحاد الأوروبي، الشريك التجاري الرئيسي للولايات المتحدة. وكان هذا الرقم أعلى من التوقعات، مما أدى إلى انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى أدنى مستوى له خلال الجلسة بعد وقت قصير من نشر التقرير. ومع ذلك، لم يستمر هذا الانخفاض طويلاً، حيث أنهى المؤشر يوم الجمعة دون تغيير يذكر عند 6,296.79 نقطة، وفقًا لبيانات سوق داو جونز.
وفي شهر أبريل الماضي، عندما كشف ترمب عن تعريفة "يوم التحرير"، تسببت هذه الخطوة في موجة بيع واسعة في الأسواق قبل أن يتراجع عنها بعد أسبوع واحد، مؤجلاً تطبيقها لمدة 90 يومًا. لكن يبدو أن الأسواق ليست قلقة بشأن تكرار هذا السيناريو.
ويشير استطلاع رأي أجراه بنك أوف أميركا إلى أن مديري الصناديق الاستثمارية قد عادوا بقوة إلى السوق بعد فترة غياب في بداية الانتعاش، مع زيادة ملحوظة في الإقبال على المخاطرة بوتيرة غير مسبوقة خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
التهديدات التي يطلقها ترمب ليست سوى تكتيك تفاوضي
لقد سمع العديد من المستثمرين عن مصطلح "TACO deal"، الذي روّج له أحد الكتاب في صحيفة فاينانشال تايمز في شهر مايو، وهو اختصار لعبارة "ترمب دائمًا يتراجع".
تقوم الفكرة على أنه إذا تذبذبت الأسواق بشكل كبير كما حدث في أبريل، فسوف يعيد ترمب النظر في موقفه بشأن الرسوم الجمركية. ومع ذلك، مع استعادة الأسهم لمستوياتها القياسية، يخشى البعض من أن يتخذ ترمب موقفاً أكثر تشدداً.
يرى محللون مثل دينيس ديبوشير أن تصعيد ترمب ليس سوى أسلوب ضغط تفاوضي لحث الشركاء التجاريين على الإسراع في المفاوضات، مؤكدين أن التوقع السائد هو تخفيض الرسوم بمجرد التوصل إلى اتفاقيات. وعلى الرغم من أن هذا الرأي يحظى بقبول واسع بين المستثمرين، إلا أن التجارب السابقة، مثل ما حدث بعد فوزه في الانتخابات، تظهر أن السوق قد يفاجأ بتحولات غير متوقعة في نهجه بعد توليه منصبه.
الطعون القانونية قد تعرقل فرض الرسوم
في شهر مايو الماضي، أصدرت محكمتان فيدراليتان حكمًا بعدم قانونية تعريفة "يوم التحرير". وبينما استأنفت الإدارة هذا الحكم، تشير التوقعات إلى أن أي رسوم جديدة قد تواجه نفس المصير القضائي، مما يقلل من قلق المستثمرين بشأن تأثيرها الفعلي على أرض الواقع.
المستثمرون يركزون على الأرباح والتقارير الاقتصادية
كانت مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية، مثل مؤشر ستاندر آند بورز 500 ومؤشر ناسداك المركب، تتداول بالقرب من أعلى مستوياتها على الإطلاق يوم الجمعة.
ويُعزى الارتفاع الأخير في أسعار الأسهم إلى البداية القوية لموسم أرباح الشركات الفصلية. كما استقبل المستثمرون بترحيب حار أحدث البيانات المتعلقة بالتوظيف ومبيعات التجزئة، والتي أظهرت أن الاقتصاد الأمريكي قد استوعب حالة عدم اليقين المحيطة بأجندة ترمب التجارية.
كما ساهم إقرار مشروع قانون الميزانية "القانون الكبير والجميل" في تعزيز الثقة في السوق، بعد أن أزال الغموض الذي كان يحيط بالسياسة الضريبية لعام 2026.
وعلى الرغم من أن مؤشر داو جونز أنهى أسبوعه الثاني على التوالي من التراجع، فقد سجل كل من مؤشر ستاندرد آند بورز ومؤشر ناسداك مكاسب أسبوعية، مما يعكس تفاؤلاً واسع النطاق بين المستثمرين بأن التوترات التجارية لن تنجح هذه المرة في زعزعة استقرار الأسواق.